الخميس 17 يوليو 2025 08:00 م بتوقيت القدس
تواصل تل أبيب بث تقارير عن تقدم في المفاوضات مع حماس، وتراجع رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، عن مواصلة احتلال "محور موراغ". وبينما تتحدث تل أبيب عن "مرونة" متزايدة، لا تزال القضايا المركزية، مثل خرائط الانسحاب ونسبة التبادل، عالقة حتى الآن.
جاء ذلك فيما قال الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، مساء الأربعاء، في تصريحات صدرت عنه إن "لدينا أخبار جيدة بخصوص غزة"، فيما أشار بمبعوثه الخاص، ستيف ويتكوف، الذي يقود الجهود الدبلوماسية الأميركية بشأن الحرب الإسرائيلية على غزة ويشرف على المفاوضات.
وأفادت هيئة البث العام الإسرائيلية ("كان 11") مساء الأربعاء، بأن مصادر مطلعة على سير المفاوضات الجارية للتوصّل إلى اتفاق يشمل وقف إطلاق نار وتبادل أسرى، أشار إلى وجود "تقدّم" في المحادثات، لكنها شددت في الوقت ذاته على استمرار وجود "فجوات" بين الطرفين.
ترامب يعلن تقدمًا والدوحة تتحرّك
وصرّح المبعوث الرئاسي الأميركي، ويتكوف، بأن "المفاوضات بشأن وقف إطلاق النار تسير بشكل جيد"، في حين يعتزم ترامب لقاء رئيس وزراء ووزير خارجية قطر، محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في وقت لاحق، الليلة، في واشنطن.
وأوضحت "كان 11" أن القضايا الجوهرية العالقة تتعلق بخريطة انسحاب الجيش الإسرائيلي من قطاع غزة، وكذلك بملف الأسرى الفلسطينيين الذين سيُفرج عنهم، وهي قضايا لم تُبحث بعمق حتى الآن.
ووفق المصادر الإسرائيلية، فإن حركة حماس مستعدة لقبول خطوط الانسحاب الواردة في اتفاق التهدئة السابق مع بعض التعديلات، بينما تسعى إسرائيل للإبقاء على وجود عسكري واسع في محيط مدينة رفح جنوبي القطاع.
وقالت مصادر إسرائيلية إن هناك ترقبًا لنتائج اجتماع ترامب برئيس وزراء قطر القمة في إسرائيل التي تأمل بأن يُحرز تقدّمات خلال الاجتماع، وسط تقديرات بأن "القضايا الجوهرية قد تُحل عبر قناة واشنطن – تل أبيب".
من جانبها، ذكرت القناة 12 أن إسرائيل أبلغت الوسطاء بأنها مستعدة للتنازل عن مطلبها بالبقاء في "محور موراغ" جنوبي القطاع، وأنها أبدت "مرونة" أيضًا بخصوص التواجد العسكري في محيط القطاع، بما في ذلك الغلاف الذي تحتله داخل القطاع قرب المناطق الحدودية.
ووفق القناة، فإن إسرائيل تتبنّى "الصيغة القطرية" للمفاوضات، وهي مستعدة للعودة إلى خطوط وقف إطلاق النار السابقة مع إدخال "تعديلات طفيفة". وذكرت القناة أن تل أبيب أرسلت بالفعل خرائط محدثة تعكس هذا التوجه الجديد.
تل أبيب تتنازل عن "موراغ" وتعدّل الخرائط
مع ذلك، قالت مصدر إسرائيلي إن خلافات ما زالت قائمة، لا سيّما في ما يتعلق بـ"مفاتيح الإفراج" عن الأسرى، أي نسبة التبادل بين كل أسير وجندي إسرائيلي، وكذلك في بند المساعدات الإنسانية.
وأضاف المصادر أن "نتنياهو مستعد لتقديم مزيد من التنازلات في ما يخص انتشار القوات من أجل التوصل إلى صفقة".
وأشارت القناة إلى أن كبار المسؤولين في الكابينيت عبّروا عن تفاؤلهم بإمكانية التوصل قريبًا إلى صفقة تشمل تبادل أسرى ووقفًا لإطلاق النار. وقال هؤلاء للقناة 12: "نحرز تقدمًا ملموسًا، بعد أن قرّر نتنياهو التراجع مرة أخرى عن موقفه بشأن خرائط الانسحاب".
وبحسبهم، فإن "قرار نتنياهو يقرّب إسرائيل وحماس من صفقة"، والتوجيه الذي تلقاه المسؤولون الفنيون هو أن "إسرائيل مستعدة إلى خطوط تضمن الأمن وتوفّر ردًّا تكتيكيًا وإستراتيجيًا على التهديدات من غزة".
واعتبر التقرير أن "إسرائيل بدأت المفاوضات من موقف متشدد، لكنها الآن تتبنى موقفًا مختلفًا كليًا، كما هو شائع في مفاوضات من هذا النوع. بالمقابل، فإن حماس، التي كانت تطالب بإنهاء كامل للحرب، لن تنال ذلك، بل ستحصل على "وعد" من ترامب "بأن يبذل كل ما بوسعه لتحقيق ذلك".
ورغم هذا "التقارب" في المواقف، قالت القناة إنه حتى هذه اللحظة، لم يُطرح للنقاش تفصيل دقيق يتعلق بنسبة التبادل بين الأسرى والمحتجزين الإسرائيليين. كما أن مسألة "إنهاء الحرب" ما زالت نقطة خلاف جوهرية، ولا يوجد تقدير دقيق حول ما إذا كان الاتفاق سيتحقق فعلاً ومتى.
وأضافت "حتى في حال التوصل إلى اتفاق، فإنه لن يكون شاملاً، بل جزئيًا"، مع بقاء فجوة كبيرة في مواقف الجانبين حيال طبيعة إنهاء الحرب. وأوضحت القناة أن الإدارة الأميركية أبلغت الوسطاء بأن إسرائيل أبدت مرونة حقيقية بشأن البقاء في محور "موراغ" ومحيط القطاع.
نتنياهو قرّر التراجع مرة أخرى
بدورها، نقلت صحيفة "يديعوت أحرونوت" عبر موقعها الإلكتروني (واينت) عن مصدر في الكابينيت قوله مساء الأربعاء إن "نتنياهو قرّر التراجع مرة جديدة" في موضوع خرائط الانسحاب من قطاع غزة، "في سبيل إنجاح صفقة التبادل". وأضاف المصدر: "هذا يقربنا كثيرًا من اتفاق محتمل"، وأعرب عن اعتقاده بأن "من الممكن التوصل إلى اتفاق مع حماس قريبًا".
وعلى صلة، أفاد التلفزيون "العربي" بوجود "جولة محادثات جديدة تُعقد الليلة في الدوحة بشأن المفاوضات حول وقف إطلاق النار"، مشيرة إلى أن "إسرائيل ستعرض خرائط انسحاب جديدة على الوسطاء خلال هذه الجولة".
وبحسب "واينت"، فإن "التراجع الإسرائيلي" يتمثل بـ"منح صلاحيات تفاوضية أوسع لفريق المفاوضات في الدوحة من قبل رئيس الحكومة" أو ما وصفته بـ"إرخاء الحبل"، وأن "حماس عُرضت عليها عدة خرائط انسحاب، لكنها لا تزال تصر على انسحاب الجيش الإسرائيلي حتى خطوط الثاني من آذار/ مارس".
ولفتت إلى أن إسرائيل تنازلت بالفعل عن محور "موراغ" ووافقت على انسحابات إضافية، "لكن ذلك لا يزال غير كافٍ لحماس التي تتمسك بموقفها".
اتفاق جزئي محتمل... والعقدة في التفاصيل
وقال مطلعون على التفاصيل: "التقدّم صعب، لكن هناك إمكانية"، فيما صرّح مسؤولون في الكابينيت بأن "احتمال التوصل إلى صفقة أكبر من احتمال فشلها"، وشدد مسؤول رفيع على أن "نتنياهو أبدى مرونة كبيرة، ونحن قريبون جدًا من التوصل إلى اتفاق".
ومع ذلك، أوضحت الصحيفة أن ملفات حساسة لم تُحسم بعد، أبرزها نسبة الإفراج بين المحتجزين الإسرائيليين والأسرى الفلسطينيين، خاصة الأسرى الفلسطينيين من ذوي المحكوميات العالية، إلى جانب هوية الأسرى، والمسائل الإنسانية. كما لا تزال "حماس" متمسكة بمطلبها المتمثل بإبعاد "مؤسسة غزة الأميركية" (GHF) من القطاع.